اللسان يا أخي احفظه ،
✍️ محمد محب الله بن محمد سيف الدين المحمدي ،
عباد الله: إن دين الإسلام، وهو الدين الكامل في أحكامه، الشامل في تشريعاته، قد هدى إلى أرقى الأخلاق، وأرشد إلى أكمل الآداب، ونهى عن مساوئ الأفعال ومستقبح الأقوال،وحثّ على حسن المنطق، وحفظ اللسان عن اللغو وفضول الكلام، فلقد أكرم الله تعالى بني آدم وميزهم عن سائر الحيوان بنعمة العقل والبيان، وامتن سبحانه وتعالى بهذه النعمة على خلقه بقوله:
أَوَلَمۡ یَرَ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَـٰهُ مِن نُّطۡفَةࣲ فَإِذَا هُوَ خَصِیمࣱ مُّبِینࣱ ٧٧ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلࣰا وَنَسِیَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن یُحۡیِ ٱلۡعِظَـٰمَ وَهِیَ رَمِیمࣱ ٧٨ قُلۡ یُحۡیِیهَا ٱلَّذِیۤ أَنشَأَهَاۤ أَوَّلَ مَرَّةࣲۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِیمٌ ٧٩﴾ [يس ٧٧-٧٩
فحق هذه النعمة أن تكبح جماح لسانك ولا تطلق له العنان ،حيث يؤذي الإنسان ، فاللسان حبل مرخي في يد الشيطان ،يصرف صاحبه كيف يشاء إن لم يلجمه بلجام التقوي ، وتذكر دائما ماذا يقول الله تعالى في القرآن المجيد ، يأيها الذين امنوا اتقوا الله وقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَارَ فَوْراً عظيماً) [الأحزاب: ۷۰، ۷۱]
فاللسان ُهذا المضغةُ الضئيلة؛ إمّا أن يرفع صاحبه عاليَ الدرجات، أو يكُبّه في قعر جهنم، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ↑
(رواه الترمذي، في سنن الترمذي، الرقم:2616، حسن صحيح)
فاللسانُ، بعضُ الأحيانِ يوردُ مواردَ العطب والهلاك، ويوقعه في كبائر الإثم وعظيم الموبقات من غيبة ونميمة، وكذب وافتراء، وفحش وبذاء، وتطاول على عباد الله، بل وربما أفضى بالبعض إلى أن يجرِّد لسانه مقراضا للأعراض بكلماتٍ تتضح ُ بالسوء والفحشاء، وألفاظ تنهش نهشا، فيسرف في التجني على عباد الله بالسخرية والاستهزاء، والتنقص والازدراء، وتعداد المعايب والكشف عن المثالب وتلفيق التُهم والأكاذيب وإشاعة الأباطيل لا يحجزه عن ذلك دينٌ ولا يزعه عنه مروءة ٌولا حياءٌ، كأنه لم يسمع قوله عز شأنه “سَنَكۡتُبُ مَا قَالُوا۟
[آل عمران: ۱۸۱]،
وقوله عز وجل: ﴿إِذۡ یَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّیَانِ عَنِ ٱلۡیَمِینِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِیدࣱ ١٧ مَّا یَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَیۡهِ رَقِیبٌ عَتِیدࣱ ١٨﴾ [ق ١٧-١٨]
وقال النبي صلي الله عليه وسلم :إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ. ( رواه البخاري )
من يحافظ على لسانه فهو يكون بعيدا عن الغيبة والنميمة الذي قال عنهما جل شأنه ،
﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾
وقال صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه»[بخاري )
من يفكر قبل التكلم و يتأني فهو لا يكون لعاٌنا ،
فعن عبدالله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يكون المؤمنُ لعانًا،
أخرجه الترمذي ،
وهكذا من لا يُعوِّد لسانه على الصدقِ والكلام ِالجميل ِفهو يندم ويبكي ويكون له عقابا عظيما ونكالا صارما ، فالسلامة كل السلامة في حفظ اللسان وصونه ،
أيها القاري الكريم : هُنَاكَ مَرَضٌ عُضَالٌ، وَدَاءٌ خَطِيرٌ مُنتَشِرٌ بَيْنَ النَّاسِ قَلَّ أَنْ تَسْلَمَ مِنْهُ المَجَالِسُ، وَيَنْدُرُ أَنْ يَنْفَكَ مِنْهُ مُجْتَمَع مِنَ المُجْتَمَعَاتِ، بَلْ إِنَّهُ يَضْرِبُ أَطْنَابَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَجَالِسِنَا وَاجْتِمَاعَاتِنَا وَلِقَاءَاتِنَا ، إِلا مَنْ رَحِمَ اللهُ، وَيُخَيْمُ بِظِلّهِ التَّقِيْلِ عَلَيْهَا . مَعَ عَظِيمٍ خَطَرِهِ عَلَى الإِيْمَانِ وَالأَخْلَاقِ، وَكَبِيْرِ أَثَرِهِ عَلَى الْأَفْرَادِ وَالأُسَرِ والمُجْتَمَعَاتِ – إِنَّهُ دَاءُ اطالة اللسان واطلاق العنان له وَيَا لَهَ مِنْ خَصْلَةٍ ذَمِيمَةٍ، تَنِمُّ عَنْ ضَعْفِ الإِيْمَانِ، وَسَلَاطَةِ اللَّسَانِ، وَخُبْثِ الجَنَانِ؛ صَاحِبُهَا يُمَثَلُ لُوْمَ الطَّبْعِ، وَقُبْحَ المَعْشَرِ، وَضَعْفَ الخُلُقِ، وَقِلَّةَ الوازع ، وَدَنَاءَةَ السَّجَايَا .
ذلِكَ مِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ أَشَدَّ الأَسَفِ، وَمِمَّا يَنْدَى لَهُ الجَبِينُ، وَمِمَّا تَبْكِي لَهُ المُرُوءَةُ ، وَتَئِنُ لَهُ الفَضِيْلَةُ، وَلَقَدْ زَيَّنَ الشَّيْطَانُ لِهؤُلاَءِ سُوءَ أَعْمَالِهِمْ ! . يَقُولُ ابنُ القَيِّم – رَحِمَهُ اللهُ – : وَمِنَ العَجَبِ : أَنَّ الإِنْسَانَ يَهُونُ عَلَيْهِ الاحْتِرَازُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ المُحَرَّمَاتِ ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِ التَّحَقُظُ مِنْ حَرَكَةِ لِسَانِهِ؛ حَتَّى تَرَى الرَّجُلَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالدِّيْنِ وَالزُّهْدِ وَالعِبَادَةِ، وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَاتِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً ؛ يَزِلُّ بِالوَاحِدَةِ مِنْهَا أَبْعَدَ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِب (الداء والدواء ٢٤٤ )
وَيَقُولُ الحَسَنُ – رَحِمَهُ اللهُ – : (إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَشْتَغِلُ بِعُيُوبِ غَيْرِهِ، وَيَتْرُكُ عُيُوبَ نَفْسِهِ ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ مُكِرَ بِهِ »
وَفِي الحَدِيْثِ عَنْهُ : «أَتَدْرُونَ مَا أَرْبَى الرَّبَا عِنْدَ اللهِ؟» قَالُوا : الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَإِنَّ أَرْبَى الرَّبَا عِندَ اللَّهِ اسْتِحْلَالُ عِرْضِ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ ، ثُمَّ قَرَأ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ -: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَنَا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [الأحزاب]
أيها المحترم : أنا الآن مفض إليك بعض الفوائد عند ما نحافظ علي اللسان ،
الأول .: يسلم من النار أي الجهنم الموعود لمن لا يحافظ لسانه ، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ”،
الثاني! دخول الجنة متضمن في حفظ اللسان ،
فقد روى البخاري عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: “مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ”.
الثالث : وفي صيانة اللسان ،نجاة العبد في دنياه وأخراه-، فقد روى الترمذي من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: “أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ”، وروى الترمذي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ صَمَتَ نَجَا”.
الرابع : ومن ثمار صيانة اللسان: أنه علامةٌ من علامات الإيمان، وخصلةٌ من خصال الدين الدالةِ على متانة إيمان الشخص، وقوة صلته بالله -تبارك وتعالى-، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ”، وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ”.
الخامس : تكون مؤمنا بالله واليوم الاخر عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:: وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ،
السادس : تنجوا من الفتن قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: ما النجاةُ ؟ قال : ” أمْسِكْ عليكَ لِسانَكَ ، ولْيَسَعْكَ بيتُكَ ، وابْكِ على خطيئَتِكَ ” .
حديث صحيح رواه الترمذي وغيره.
وهكذا يحسُن ُ اسلامك،
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وقَالَ: حَسَنٌ،
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (إنَّ العبدَ ليأتي يومَ القيامةِ بسيئاتٍ أَمْثَالَ الجبالِ فَيَجِدُ لِسَانَهُ قد هَدَمَهَا مِن كَثْرَةِ ذِكْرِ الله تعالى)
السابع : يسلم من شرور الدنيا ويكون حياته سعيدة ،
الثامن :يسلم من الغيبة والنميمة ومن الفحش والبذاء ،
التاسع : يسلم من الكذب والإفتراء ،
العاشر : يسلم من الحسد والحقد والضغائن ،
إحدى عشر: لا يتجراء التقوُّل على الله ،
وغير ذالك من الفوائد الكثيرة ،
اللهم وفِّقنا أجمعين لصيانة ألسنتنا يا رب العالمين، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأصلح لنا شأننا كله.
اپنے مضامین اور خبر بھیجیں
udannewsdesk@gmail.com
7462884092
ہمیں فیس بک پیج پر بھی فالو کریں
https://www.facebook.com/udannewsurdu/